معلومات شاملة عن اكثر من اربعين صحابي
:: المنتدى العام :: إسلاميات
صفحة 1 من اصل 1
معلومات شاملة عن اكثر من اربعين صحابي
ابو بكررضي الله عنه: خليفة رسول الله أبو بكر الصديق إنه الصديق أبو بكر-رضي اللهعنه- كان اسمه فيالجاهلية عبد الكعبة بن عثمان بن عامر فسماه رسول الله(عبد الله) فهو عبد الله بنأبي قحافة، وأمه أم الخير سلمىبنت صخر. ولد في مكة بعد ميلاد النبي (بسنتينونصف) وكان رجلاً شريفًا عالمًا بأنساب قريش، وكان تاجرًا يتعامل مع الناسبالحسنى. وكان أبو بكر صديقًا حميمًا لرسول الله ( وبمجرد أن دعاه الرسول (للإسلام أسرع بالدخول فيه،واعتنقه؛ لأنه يعلم مدى صدق النبي (وأمانته، يقول النبي)ما دعوت أحدًا إلىالإسلام إلا كانت عنده كبوة وترددونظر، إلا أبا بكر ماعكم (ما تردد) عنه حين ذكرته ولا ترددفيه ( ابن هشام)وجاهد أبو بكر مع النبيفاستحق بذلك ثناء الرسول عليهإذ يقول: "لو كنت متخذًا خليلا؛ لاتخذت أبا بكر،ولكنأخي وصاحبي"البخاريومنذ أعلن أبو بكر الصديق إسلامه، وهو يجاهد فيسبيلنشر الدعوة، فأسلم على يديه خمسة من العشرة المبشرينبالجنة وهم: عثمان بنعفان، والزبير بن العوام، وطلحةبن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بنعوف-رضي الله عنه-. وكانت الدعوة إلى الإسلام في بدايتها سرية، فأحب أبو بكرأنتمتلئ الدنيا كلها بالنور الجديد، وأن يعل الرسول ذلكعلى الملأ من قريش، فألحأبو بكر على النبي في أن يذهبإلى الكعبة، ويخاطب جموع المشركين، فكان النبييأمرهبالصبر وبعد إلحاح من أبي بكر، وافقالنبي، فذهب أبو بكر عند الكعبة، وقامفي الناسخطيبًا ليدعو المشركينإلى أن يستمعوا إلى رسول الله، فكان أول خطيبيدعو إلى الله، وما إن قام ليتكلم، حتى هجم عليه المشركون من كلمكان، وأوجعوهضربًا حتى كادوا أن يقتلوه، ولما أفاق -رضي الله عنه- أخذ يسأل عن رسول الله كييطمئن عليه، فأخبروه أن رسول الله بخير والحمد لله، ففرح فرحًاشديدًا. وكانأبو بكر يدافع عن رسول الله بما يستطيع، فذات يومبينما كان أبو بكر يجلس فيبيته، إذ أسرع إليه رجل يقول له أدرك صاحبك. فأسرع -رضي الله عنه-؛ ليدركرسول اللهفوجده يصلي في الكعبة، وقد أقبل عليه عقبة بنأبي معيط، ولف حول عنقه ثوبًا، وظليخنقه، فأسرع -رضي الله عنه- ودفع عقبة عن رسول الله وهو يقول:أتقتلون رجلا أنيقول ربي الله؟! فالتفت المشركون حولهوظلوا يضربونه حتى فقد وعيه، وبعد أن عادإليه وعيهكانت أول جملة يقولها: ما فعل رسول الله؟ وظل أبو بكر-رضي اللهعنه-يجاهد مع النبي ( ويتحملالإيذاء في سبيل نشر الإسلام، حتى أذنالرسول (لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة، حتى إذا بلغ مكانًا يبعد عنمكة مسيرة خمس لياللقيهابن الدغنة أحد سادات مكة،فقال له: أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر: أخرجنيقومي فأريد أن أسيح في الأرضوأعبد ربي. فقال ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لايخرجولا يُخرج، أنا لك جار (أي أحميك)، ارجع، واعبد ربكببلدك، فرجع أبو بكر-رضيالله عنه- مع ابن الدغنة،فقال ابن الدغنة لقريش: إن أبا بكر لا يخرج مثله، ولايخرج، فقالوا له: إذن مره أن يعبد ربه في داره ولا يؤذينابذلك، ولا يعلنه، فإنانخاف أن يفتن نساءنا وأبناءنا، ولبثأبو بكر يعبد ربه في داره. وفكر أبو بكر فيأن يبني مسجدًا في فناء داره يصلي فيهويقرأ القرآن، فلما فعل ذلك أخذت نساءالمشركينوأبناؤهم يقبلون عليه، ويسمعونه، وهم معجبون بما يقرأ،وكان أبو بكر رقيقالقلب، كثير البكاء عندما يقرأ القرآن،ففزع أهل مكة وخافوا، وأرسلوا إلى ابنالدغنة، فلماجاءهم قالوا: إنا كنا تركنا أبا بكر بجوارك، على أن يعبدربه في داره،وقد جاوز ذلك فابتنى مسجدًا بفناء داره،فأعلن بالصلاة والقراءة فيه، وإنا قد خشيناأن يفتن نساءناوأبناءنا فإنهه، فليسمع كلامك أو يردَّ إليك جوارك. فذهب ابنالدغنة إلى أبي بكر وقال له: إما أن تعمل ماطلبت قريش أو أن تردَّ إليَّ جواري،فإني لا أحب أنتسمع العرب أني أخفرت رجلاً عقدت له (نقضت عهده)،فقال أبو بكر فيثقة ويقين: فإن أرد إليك جوارك، وأرضىبجوار الله عز وجل. وتعرض أبو بكر مراتكثيرة للاضطهاد والإيذاء منالمشركين، لكنه بقي على إيمانه وثباته، وظل مؤيدًاللدينبماله وبكل ما يملك، فأنفق معظم ماله حتى قيل: إنه كانيملك أربعين ألف درهمأنفقها كلها في سبيل الله،وكان -رضي الله عنه- يشتري العبيد المستضعفين منالمسلمينثم يعتقهم ويحررهم. وفي غزوة تبوك، حثَّ النبي ( على الصدقة والإنفاق،فحمل أبو بكر ماله كله وأعطاه للنبي (، فقال رسول الله( له: "هل أبقيت لأهلكشيئًا؟" فقال: أبقيت لهم اللهورسوله، ثم جاء عمر -رضي الله عنه- بنصف ماله فقاللهالرسول: "هل أبقيت لأهلك شيئًا؟" فقال نعم نصفمالي، وبلغ عمر ما صنع أبو بكر فقال "والله لا أسبقه إلىشيء أبدًا" [الترمذي]. فقد كان رضي الله عنه يحب رسول اللهحبًّا شديدًا، وكانالرسول ( يبادله الحب، وقد سئل النبي ( ذات يوم: أيالناس أحبإليك؟ فقال: "عائشة" فقيل له: من الرجال،قال: "أبوها" [البخاري]. وكان -رضي اللهعنه- يقفعلى جبل أُحُد مع رسول الله ( ومعهما عمر، وعثمان-رضي الله عنهما-، فارتجفالجبل، فقال له الرسول (:"اسكن أحد، فليس عليك إلا نبي وصديق وشهيدان" [البخاري]. ولما وقعت حادثة الإسراء والمعراج، وأصبح النبي( يحدث الناس بأنه قدأسري به من المسجد الحرام إلىالمسجد الأقصى، ثم عرج به إلى السماء السابعة، قالالمشركون: كيف هذا، ونحن نسير شهرًا حتى نصل إلىبيت المقدس؟! وأسرعوا إلى أبي بكروقالوا له: إنصاحبك يزعم أنه أسري به إلى بيت المقدس! فقال أبوبكر: إن كان قالذلك فقد صدق، إني أصدقه في خبرالسماء يأتيه. فسماه الرسول ( منذ تلك اللحظة (الصِّدِّيق).[ابن هشام]،كذلك كان أبو بكر مناصرًا للرسول ومؤيدًا له حينمااعترضبعض المسلمين على صلح الحديبية. وحينما أذنالله تعالى لرسوله بالهجرة، اختارهالرسول( ليكون رفيقه في هجرته، وظلا ثلاثة أيام في غار ثور،وحينما وقف المشركونأمام الغار، حزن أبو بكر وخافعلى رسول الله (، وقال: يا رسول الله، لو أن أحدهمنظرإلي قدميه، لأبصرنا، فقال له الرسول (: "ما ظنك يا أبابكر باثنين اللهثالثهما"[البخاري]. وشهد أبو بكر مع رسول الله ( جميع الغزوات، ولم يتخلفعنواحدة منها، وعرف الرسول ( فضله، فبشره بالجنةوكان يقول: "ما لأحد عندنا يد إلاوقد كافأناه ما خلا أبابكر، فإن له عندنا يدًا يكافئه الله بها يومالقيامة"[الترمذي]. وكان أبو بكر شديد الحرص على تنفيذ أوامر الله، فقد سمعالنبي ( ذات يوم يقول: من جرَّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليهيوم القيامة"، فقالأبو بكر: إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلاأن أتعاهد ذلك منه، فقال له النبي (: "إنك لستتصنع ذلكخيلاء" [البخاري]. وكان دائم الخوف من الله، فكان يقول:لو إن إحدى قدميّفي الجنة والأخرى خارجها ما آمنتمكر ربي (عذابه( ولما انتقل الرسول ( إلىالرفيق الأعلى، اجتمع الناسحول منزله بالمدينة لا يصدقون أن رسول الله ( قد مات،ووقف عمر يهدد من يقول بذلك ويتوعد، وهو لا يصدق أنرسول الله قد مات، فقدم أبوبكر، ودخل على رسول الله( وكشف الغطاء عن وجهه الشريف، وهو يقول: طبت حيًّاوميتًايا رسول الله وخرج -رضي الله عنه- إلى الناسالمجتمعين، وقال لهم: أيها الناس، منكان منكم يعبد محمدًا( فإن محمدًا قد مات، ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حيلايموت، فإن الله تعالى قال: (وما محمد إلا رسول قد خلتمن قبله الرسل أفإن مات أوقتل انقلبتم على أعقابكم) [آلعمران: 144]. ويسرع كبارالمسلمين إلىالسقيفة،ينظرون فيمن يتولىأمرهم بعد رسول الله (، وبايع المسلمون أبا بكر بالخلافةبعد أناقتنع كل المهاجرين والأنصار بأن أبا بكر هوأجدر الناس بالخلافة بعد رسول الله (،ولم لا؟ وقد ولاهالرسول ( أمر المسلمين في دينهم عندما مرض وثقل عليهالمرض، فقال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس" [متفق عليه]. وبعد أن تولى أبوبكر الخلافة، وقفخطيبًا في الناس،فقال: أيها الناس إن قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنتفأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذبخيانة، والضعيف منكم قوي عندي حتىأريح (أزيل) علتهإن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ منه الحق إنشاء الله، ولايدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم اللهبالذل، ولا يشيع قوم قط الفاحشة؛ إلاعمهم الله بالبلاء،أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإن عصيت الله ورسوله؛فلاطاعةلي عليكم. وقد قاتل أبو بكر -رضي الله عنه- المرتدين ومانعيالزكاة، وقال فيهم:والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونهلرسول الله ( لقاتلتهم عليه. وكان يوصيالجيوش ألا يقتلواالشيخ الكبير، ولا الطفل الصغير، ولا النساء، ولا العابدفيصومعة، ولايحرقوا زرعًا ولا يقلعوا شجرًا. وأنفذ أبو بكر جيش أسامة بن زيد؛ليقاتل الروم، وكانالرسول ( قد اختار أسامة قائدًا على الجيش رغم صغرسنه، وحينمالقى النبي ( ربه صمم أبو بكر على أن يسيرالجيش كما أمر الرسول (، وخرج بنفسه يودعالجيش،وكان يسير على الأرض وبجواره أسامة يركب الفرس،فقال له أسامة: يا خليفةرسول الله، إما أن تركب أو أنزل.فقال: والله لا أركبن ولا تنزلن، ومالي لا أغبِّرقدمي فيسبيل الله. وأرسل -رضي الله عنه- الجيوش لفتح بلادالشام والعراق حتى يدخلالناس في دين الله. ومن أبرز أعماله-رضي الله عنه-أنه أمر بجمع القرآنالكريموكتابته بعداستشهاد كثير من حفظته. وتوفي أبو بكر ليلة الثلاثاء الثانيوالعشرين من جمادىالآخرة في السنة الثالثة عشرة من الهجرة، وعمره (63)سنة وغسلتهزوجته أسماء بنت عميس حسب وصيته،ودفن إلى جوار الرسول وترك من الأولاد: عبدالله، وعبد الرحمن، ومحمد،وعائشة وأسماء، وأم كلثوم -رضي الله عنهم- وروى عنرسول الله ( أكثر من مائةحديث.) عمر بن الخطاب رضي الله عنه: شهيد المحراب عمر بن الخطاب إنه الفاروق عمر بن الخطاب-رضي الله عنه، ولد بعدعام الفيل بثلاث سنوات، وكان من بيت عظيم من قريش، وكان قبل إسلامه من أشد الناسعداوة لرسول الله ( وأصحابه، وكان يرى أن محمدًا قد فرق بين الناس، وجاء بدين جديد،فبلغ من ضيقه وكرهه أنه حمل سيفه وتوجه إلى النبي ( يريد أن يقتله، وفي الطريققابله رجل، فقال له: أين تريد يا عمر؟ قال: أريد أن أقتل محمدًا، قال الرجل: وكيفتأمن من بني هاشم وبني زهرة إذا قتلته؟ فقال عمر: ما أراك إلا قد صبأت وتركت دينكالذي كنت عليه. قال الرجل: أفلا أدلك على ما هو أعجب من ذلك؟ قال عمر: وما هو؟ قال:أختك وزوجها قد صبوا وتركا دينك الذي أنت عليه. فغضب عمر أشد الغضب، وغير وجهته؛حيث اتجه إلى بيت أخته فاطمة ليرى صدق ما أخبر به، فلما أتاهما وكان عندهما خباب بنالأرت-رضي الله عنه-، فدفع عمر الباب وقد سمع أصواتهم وهم يقرءون القرآن، فقالمستنكرًا: ما هذه الهيمنة (الصوت غير المفهوم) التي سمعتها عندكم ؟ فقال سعيد بنزيد زوج أخته: حديثًا تحدثناه بيننا. قال عمر: فلعلكما قد صبوتما. فقال له سعيد:أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك؟ فوثب عمر عليه وأخذ يضربه، فجاءت أخت عمرفدفعت عمر عن زوجها فلطمها بيده، فسال الدم من وجهها، فقالت: يا عمر، إن كان الحقفي غير دينك، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله. فلما يئس عمرمنهما قال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرأه، فقالت أخته: إنك نجس ولا يمسه إلاالمطهرون، فاغتسل أو توضأ، وعلمته كيف يتوضأ، فقام عمر فتوضأ ثم أخذ الكتاب وقرأالآيات الأولى من سورة طه، فقال عمر: دلوني على محمد. فلما سمع خباب قول عمر خرجمن المخبأ، وهو يقول: أبشر يا عمر، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله ( لك ليلةأمس: "اللهمَّ أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام" قد استجيبت، ثم خرجخباب مع عمر إلى دار الأرقم في جبل الصفا، حيث كان رسول الله ( وأصحابه. فلمااقتربا من الدار، وجدا على بابها حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه- ومعه طلحة بنعبيد الله، وبعض الصحابة -رضي الله عنهم- فلما رآه حمزة قال لمن حوله: هذا عمر، فإنيرد الله بعمر خيرًا يسلم ويتبع النبي (، وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هينا، ثمخرج رسول الله ( حتى أتى عمر، فأخذ بمجامع ثوبه وقال: ما أنت بمنته يا عمر حتى ينزلالله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة. فقال عمر: أشهد أنك رسولالله، وشهد شهادة الحق، فكبر المسلمون تكبيرة سُمعت في طرق مكة. ثم قال عمر: يارسول الله، علام نخفي ديننا ونحن على الحق، ويظهرون دينهم وهم على باطل. فقالرسول الله (: "يا عمر، إنا قليل، وقد رأيت ما لقينا"، فقال عمر: فوالذي بعثك بالحق،لا يبقى مجلس جلست فيه وأنا كافر إلا أظهرت فيه الإيمان. ثم خرج فطاف بالكعبة،ومرَّ على قريش وهم جالسون ينظرون إليه، فقال أبو جهل لعمر: يزعم فلان أنك صبوت؟فقال عمر: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله. فهجمعليه بعض المشركين، فأخذ عمر يضربهم، فما يقترب منه أحد إلا وقد نال منه حتى أمسكعمر بعتبة بن ربيعة وضربه ضربًا مبرحًا، ثم ذهب عمر إلى الرسول ( وأخبره، وطلب منهأن يخرج معه ليعلنوا إسلامهم أمام مشركي مكة، فخرج النبي ( وأصحابه، فطافوا بالكعبةوصلوا الظهر، ولقب عمر منذ ذلك بالفاروق لأنه فرق بن الحق والباطل. [ابنسعد]. وكان عمر -رضي الله عنه- مخلصًا في إسلامه، صادقًا مع ربه، شديد الحب للهورسوله، فلزم النبي (، ولم يفارقه أبدًا، وكان هو والصديق يسيران مع النبي حيث سار،ويكونان معه حيث كان، حتى أصبحا بمكانة الوزيرين له، وكان ( يقول: "إن الله جعلالحق على لسان عمر وقلبه" [أحمد والترمذي وأبو داود]، ويقول: "لو كان بعدي نبي لكانعمر" [ابن عبد البر]. وقد بشره رسول الله ( بالجنة، فهو أحد العشرة المبشرينبها، قال (:"دخلت الجنة، أو أتيت الجنة فأبصرت قصرًا، فقلت لمن هذا؟ فقالوا: لعمربن الخطاب، فأردت أن أدخله، فلم يمنعني إلا علمي بغيرتك"، قال عمر بن الخطاب: يارسول الله: بأبي أنت وأمي يا نبي الله، أو عليك أغار. [متفق عليه]. ولما أذنرسول الله ( لأصحابه بالهجرة إلى المدينة، كانوا يهاجرون في السر خوفاً من قريش،وتواعد عمر بن الخطاب مع عباس بن أبي ربيعة المخزومي وهشام بن العاص على الهجرة،واتفقوا على أن يتقابلوا عند مكان بعيد عن مكة بستة أميال ومن يتخلف منهم فليهاجرالآخر، فتقابل عمر مع عباس عند المكان المحدد، أما هشام فقد أمسكه قومهوحبسوه. فهاجر عمر مع عباس إلى المدينة، فلما هاجر إليها رسول الله ( آخى بينالمهاجرين والأنصار، فآخى بين عمر بن الخطاب وعتبان بن مالك -رضي اللهعنهما-. وتكون المجتمع الإسلامي في المدينة، وبدأت رحلة الجهاد في الإسلام، فرفععمر لواء الحق وأمسك بسيفه ليناصر دين الله -عز وجل- وجاءت أول معركة للمسلمين معالمشركين غزوة بدر الكبرى، فأسر المسلمون عددا من المشركين، وشاور النبي ( أصحابهفي أسرى بدر، فكان رأي عمر أن يقتلوا، وكان رأي الصديق أن يفتدوا، فاختار النبي (أيسر الرأيين، ونزل على رأي أبي بكر. فنزل جبريل -عليه السلام- على النبي (ليتلو عليه آيات القرآن مؤيدًا رأي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فقال تعالى: (ماكان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد عرضالآخرة والله عزيز حكيم. لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) [الأنفال: 67-68]، فبكى رسول الله ( وبكى أبو بكر، فجاء عمر فسألهما عن سبب بكائهمافأخبراه. وشهد الفاروق عمر مع رسول الله ( جميع المشاهد والغزوات، يجاهد بسيفهفي سبيل الله؛ ليعلي كلمة الحق. وفي غزوة أحد، وقف بجانبه ( يدافع عنه بعد أن انهزمالمسلمون. ويلحق رسول الله ( بالرفيق الأعلى، فيبايع الفاروق أبا بكر الصديق،كما بايعه المهاجرون والأنصار، ويقف عمر بجانبه يشد من أزره، لا يكتم عن رأيا، ولايبخل عنه بجهد في سبيل نصرة الحق ورفعة الدين، فيكون معه في حربه ضد المرتدينومانعي الزكاة ومدعي النبوة، وفي أعظم الأمور وأجلها مثل جمع القرآن. ويوصيالخليفة الأول قبل موته بالخلافة إلى الفاروق عمر، ليضع على كاهله عبئًا ثقيلاً،يظل عمر يشتكي منه طوال حياته، ولكن من كان لهذا الأمر غير عمر، فإنه الفاروق،العابد، الزاهد، الإمام العادل. وحمل عمر أمانة الخلافة فكان مثالا للعدلوالرحمة بين المسلمين، وكان سيفًا قاطعا لرقاب الخارجين على أمر الله تعالى،والمشركين، فكان رحيما وقت الرحمة، شديدًا وقت الشدة. فقد خرج مع مولاه وأسلم فيليلة مظلمة شديدة البرد يتفقد أحوال الناس، فلما كانا بمكان قرب المدينة، رأى عمرنارًا، فقال لمولاه: يا أسلم، ههنا ركب قد قصر بهم الليل، انطلق بنا إليهم فذهباتجاه النار، فإذا بجوارها امرأة وصبيان، وإناء موضوع على النار، والصبيان يتصايحونمن شدة الجوع، فاقترب منهم، وسألهم: ما بالكم؟ فقالت المرأة: قصر بنا الليل والبرد،قال: فما بال هؤلاء الصبية يتضاغون (يصطرخون)؟! قالت: من الجوع، فقال: وأي شيء علىالنار؟ قالت: ما أعللهم به حتى يناموا، الله بيننا وبين عمر، فبكى ورجع إلى البيتفأحضر دقيقًا وسمنًا وقال: يا أسلم، احمله على ظهري. فقال أسلم: أنا أحملهعنك. فقال: أنت تحمل وزري يوم القيامة؟ فحمله على ظهره وانطلقا حتى أتيا المرأة،فألقى الحمل عن ظهره وأخرج من الدقيق، فوضعه في القدر، وألقى عليه السمن وجعل ينفختحت القدر والدخان يتخلل لحيته ساعة، حتى نضج الطعام، فأنزله من على النار، وقال:ائتني بصحفة، فأتى بها، فغرف فيها ثم جعلها أمام الصبيان، وقال: كلوا، فأكلوا حتىشبعوا، والمرأة تدعو له، فلم يزل عندهم حتى نام الصغار، ثم انصرف وهو يبكي، ويقول:يا أسلم، الجوع الذي أسهرهم وأبكاهم. وخرج الفاروق يومًا يتفقد أحوال رعيته فإذاامرأة تلد وتبكي، وزوجها لا يملك حيلة، فأسرع عمر -رضي الله عنه- إلى بيته، فقاللامرأته أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، هل لك في أجر ساقه الله إليك؟ ثم أخبرهاالخبر، فقالت نعم. فحمل عمر على ظهره دقيقًا وشحمًا، وحملت أم كلثوم ما يصلحللولادة، وجاءا، فدخلت أم كلثوم على المرأة، وجلس عمر مع زوجها يحدثه، ويعد معالطعام، فوضعت المرأة غلامًا، فقالت أم كلثوم: يا أمير المؤمنين بشر صاحبكبغلام. فلما سمع الرجل قولها استعظم ذلك، وأخذ يعتذر إلى عمر، فقال عمر: لا بأسعليك، ثم أعطاه ما ينفقون وانصرف. ويروى أنه رأى شيخًا من أهل الذمة يستطعمالناس، فسأل عمر عنه، فقيل له: هذا رجل من أهل الذمة كبر وضعف، فوضع عنه عمرالجزية، وقال: كلفتموه الجزية حتى إذا ضعف تركتموه يستطعم؟ ثم أجرى له من بيت المالعشرة دراهم. وفي خلافة الفاروق عمر اتسعت الدولة الإسلامية في مشارق الأرضومغاربها، وكثرت الفتوح الإسلامية للبلاد، ففتح في عهده الشام والعراق وإيرانوأذربيجان، ومصر وليبيا، وتسلم عمر مفاتيح المقدس، وكثر في عهده الأموال، وامتلأبيت المال، فلم تشهد الدولة الإسلامية عهدًا أعظم من ذلك العهد وخلافة أفضل من تلكالخلافة. ورغم ذلك الثراء كان عمر يعيش زاهدًا، ممسكًا على نفسه وعلى أهله،موسعًا على عامة المسلمين وفقرائهم. فكان عمر لا يأكل إلا الخشن من الطعام، ولايجمع بين إدامين (الإدامين: ما يأكل بالخبز) قط، ويلبس ثوبًا به أكثر من اثنتي عشررقعة، لا يخاف أحدًا لعدله، فقد حكم، فعدل، فأمن فاطمأن فنام لا يخاف إلا الله عزوجل. وقد جعل عمر سيرة رسول الله ( وحياة الصديق -رضي الله عنه- نبراسًا أمامهيضيء له طريقه، ويسير على هداه لا يحيد عنه طرفة عين أو أقل من ذلك، وكان دائمًايذكر نفسه ويذكر حوله بعظاته البالغة، فمن ذلك قوله الخالد: حاسبوا أنفسكم قبل أنتحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم. وكان يقول: ويل لديَّان الأرض منديَّان السماء يوم يلقونه، إلا من أمَّ (قصد) العدل، وقضى بالحق، ولم يقض بهواه ولالقرابة، ولا لرغبة ولا لرهبة، وجعل كتاب الله مرآته بين عينيه. وكان عمر شديدًاعلى ولاته الأمراء، فكان يأمرهم بالعدل والرحمة بين الناس، ويحثهم على العلم، ولميكن يولي الأمر إلا لمن يتوسم فيه الخير ويعرف عنه الصلاح والتقى، ودائمًا كانيتعهدهم ويعرف أخبارهم مع رعيتهم، فإن حاد أحدهم عن طريق الحق عزله وولى غيره،وعاتبه، وحاسبه على أفعاله. ويروى في ذلك أن رجلاً من أهل مصر أتى عمر -رضي اللهعنه- فقال: يا أمير المؤمنين، عائذ بك من الظلم، قال عمر: عذت معاذًا، قال: قال:سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته، فجعل يضربني بالسوط، ويقول: أنا ابن الأكرمين.فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم هو وابنه معه، فقال عمر: أين المصري؟ فجاءه،فقال له: خذ السوط فاضربه، فجعل يضربه بالسوط، وعمر يقول: اضرب ابن الأكرمين، ثمقال عمر للمصري: ضع على صلعة عمرو، فقال المصري: يا أمير المؤمنين إنما ابنه الذيضربني، وقد استقدت منه(أي اقتصصت منه). فنظر عمر إلى عمرو نظرة لوم وعتاب وقالله: منذ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟ فقال عمرو: يا أمير المؤمنين،لم أعلم، ولم يأتني. وعاش عمر -رضي الله عنه- يتمنى الشهادة في سبيل الله -عزوجل-، فقد صعد المنبر ذات يوم، فخطب قائلاً: إن في جنات عدن قصرًا له خمسمائة باب،على كل باب خمسة آلاف من الحور العين، لا يدخله لا نبي، ثم التفت إلى قبر رسول الله(وقال: هنيئًا لك يا صاحب القبر،ثم قال: أو صديق، ثم التفت إلى قبر أبي بكر-رضيالله عنه-، وقال: هنيئًا لك يا أبا بكر، ثم قال: أو شهيد، وأقبل على نفسه يقول:وأنى لك الشهادة يا عمر؟! ثم قال: إن الذي أخرجني من مكة إلى المدينة قادر على أنيسوق إليَّ الشهادة. واستجاب الله دعوته، وحقق له ما كان يتمناه، فعندما خرج إلىصلاة الفجر يوم الأربعاء(26) من ذي الحجة سنة(23هـ) تربص به أبو لؤلؤة المجوسي،وهو في الصلاة وانتظر حتى سجد، ثم طعنه بخنجر كان معه، ثم طعن اثني عشر رجلا ماتمنهم ستة رجال، ثم طعن المجوسي نفسه فمات. وأوصى الفاروق أن يكمل الصلاة عبدالرحمن بن عوف وبعد الصلاة حمل المسلمون عمرًا إلى داره، وقبل أن يموت اختار ستة منالصحابة؛ ليكون أحدهم خليفة على أن لا يمر ثلاثة أيام إلا وقد اختاروا من بينهمخليفة للمسلمين، ثم مات الفاروق، ودفن إلى جانب الصديق أبي بكر، وفي رحاب قبرالمصطفى. (3)عثمان بن عفان رضي الله عنه: ذو النورين عثمان بن عفان إنه الصحابي الجليل عثمان بن عفان-رضي الله عنه-،بشره النبي ( بالجنة، ووعده بالشهادة، ومات وهو راض عنه، وجهز جيش العسرة، وتزوج منابنتي رسول الله (، وكان ثالث الخلفاء الراشدين، واستشهد وهو يقرأ القرآنالكريم. وقد ولد عثمان بعد ميلاد النبي ( بست سنوات في بيت شريف، فأبوه عفانبن العاص صاحب المجد والكرم في قومه. وكان عثمان -رضي الله عنه- من السابقين إلىالإسلام، فحين دعاه أبو بكر إلى الإيمان بالله وحده، لبى النداء، ونطق بشهادةالحق. ورغم ما كان يتمتع به عثمان -رضي الله عنه- من مكانة في قومه لا أنه تعرضللإيذاء من أجل إسلامه، وتحمل كثيرًا من الشدائد في سبيل دعوته، فقد أخذه عمه الحكمبن أبي العاص، وأوثقه برباط، وأقسم ألا يحله حتى يترك دينه، فقال له عثمان: واللهلا أدعه أبدًا ولا أُفارقه. فلما رأى الحكم صلابته وتمسكه بدينه؛ تركهوشأنه. وكان عثمان من الذين هاجروا إلى الحبشة فارًا بدينه مع زوجته رقية بنترسول الله (، ثم هاجر إلى المدينة، وواصل مساندته للنبي ( بكل ما يملك من نفسومال. ولما خرج المسلمون إلى بدر لملاقاة المشركين تمنى عثمان -رضي الله عنه- أنيكون معهم، ولكن زوجته رقية بنت رسول الله ( مرضت، فأمره الرسول ( أن يبقى معهاليمرضها، وبعد أن انتصر المسلمون في المعركة أخذ رسول الله ( في توزيع الغنائم،فجعل لعثمان نصيبًا منها، ولكن زوجته رقية -رضي الله عنها- لم تعش طويلاً، فماتت فينفس السنة التي انتصر فيها المسلمون في غزوة بدر. وبعد وفاة رقية زوَّج الرسول (عثمان بن عفان من ابنته الأخرى أم كلثوم، ليجتمع بذلك الفضل العظيم لعثمان بزواجهمن ابنتي الرسول (، فلقب بذي النورين. ثم شهد عثمان-رضي الله عنه-مع النبي (كثيرًا من المشاهد، وأرسله النبي ( إلى مكة حينما أرادوا أداء العمرة ليخبر قريشًاأن المسلمين جاءوا إلى مكة لأداء العمرة، وليس من أجل القتال، ولكن المشركيناحتجزوا عثمان بعض الوقت، وترددت إشاعة أنهم قتلوه، فجمع النبي ( أصحابه، ودعاهمإلى بيعته على قتال المشركين، فسارع الصحابة بالبيعة، وعرفت تلك البيعة ببيعةالرضوان، وعاد عثمان -رضي الله عنه-، وكان صلح الحديبية. وفي المدينة رأى عثمان -رضي الله عنه- معاناة المسلمين من أجل الحصول على الماء في المدينة؛ حيث كانوايشترون الماء من رجل يهودي يملك بئرًا تسمى رومة، فقال النبي (: "من يشتري بئر رومةفيجعل دلاءه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة" [الترمذي]. فذهب عثمان-رضيالله عنه-إلى ذلك اليهودي وساومه على شرائها، فأبى أن يبيعها كلها، فاشترى نصفهاباثني عشر ألف درهم، ثم خصص لنفسه يومًا ولليهودي يومًا آخر، فإذا كان يوم عثمانأخذ المسلمون من الماء ما يكفيهم يومين دون أن يدفعوا شيئًا، فلما رأى اليهود ذلكجاء إلى عثمان، وباع له النصف الآخر بثمانية آلاف درهم، وتبرع عثمان بالبئر كلهاللمسلمين. وفي غزوة تبوك، حثَّ النبي ( المسلمين على الإنفاق لتجهيز الجيش الذيسمي بجيش العسرة لقلة المال والمؤن وبعد المسافة، وقال: "من جهز جيش العسرة فلهالجنة" [الترمذي]. فبعث عثمان إلى النبي ( عشرة آلاف دينار، فجعل النبي ( يقبلهاويدعو عثمان ويقول: "غفر الله لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت، وما أخفيت وما هوكائن إلى أن تقوم الساعة، وما يبالي عثمان ما عمل بعد هذا" [ابن عساكروالدارقطني]. وتوفي النبي ( وهو راض عن عثمان؛ فقال: "لكل نبي رفيق ورفيقي (يعنيفي الجنة) عثمان" [الترمذي]. وكان عثمان نعم العون لأبي بكر الصديق في خلافته،ومات وهو عنه راض، وكان كذلك مع عمر بن الخطاب حتى لقى عمر ربه، وقد اختاره عمر ضمنالذين رشحهم لتولي الخلافة من بعده، وبعد مشاورات بينهم تم اختياره ليكون الخليفةالثالث للمسلمين بعد عمر. وظل عثمان خليفة للمسلمين ما يقرب من اثنتي عشرة سنةفكان عادلاً في حكمه، رحيما بالناس، يحب رعيته ويحبونه، وكان يحرص على معرفةأخبارهم أولاً بأول. وعرف عثمان -رضي الله عنه- بالزهد والقناعة مع ما توفر منثراء عظيم، ومال وفير، يقول عبد الملك بن شداد: رأيت عثمان بن عفان -رضي الله عنه-يوم الجمعة على المنبر وعليه إزار عدني (من عدن) غليظ، ثمنه أربعة دراهم أو خمسةدراهم. وقال الحسن: رأيت عثمان بن عفان-رضي الله عنه-يقيل (ينام وقت الظهيرة) فيالمسجد وهو يومئذ خليفة، وقد أثر الحصى بجنبه فنقول: هذا أمير المؤمنين! هذا أميرالمؤمنين! وقال شرحبيل بن مسلم: كان عثمان -رضي الله عنه- يطعم الناس طعامالإمارة، وعندما يدخل بيته كان يأكل الخل والزيت. وكان رضي الله عنه يحثالمسلمين على الجهاد، ويرغب فيه، قال يومًا وهو على المنبر: أيها الناس إني كتمتكمحديثًا سمعته من رسول الله ( كراهية تفرقكم عني، ثم بدا لي أن أحدثكموه ليختار امرؤلنفسه ما بدا له، سمعت رسول الله ( يقول: "رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يومًافيما سواه من المنازل" [النسائي]. وواصل عثمان نشر الإسلام، ففتح الله على يديهكثيرًا من الأقاليم والبلدان، وتوسعت في عهده بلاد الإسلام، وامتدت في أنحاءكثيرة. ومن فضائله -رضي الله عنه- وحسناته العظيمة، أنه جمع الناس على مصحفواحد، بعد أن شاور صحابة الرسول ( في ذلك، فأتى بالمصحف الذي أمر أبو بكر -رضي اللهعنه- زيد بن ثابت -رضي الله عنه- بجمعه، وكان عند السيدة حفصة أم المؤمنين -رضيالله عنها-، ثم أمر بكتابة عدة نسخ ، فبعث واحدًا لأهل الشام وآخر لأهل مصر، وأرسلنسخة إلى كل من البصرة واليمن. فكان لعمله هذا فائدة عظيمة حتى يومنا هذا، وسميتتلك النسخ التي كتبها بالمصاحف الأئمة، ثم قام بحرق ما يخالفها من المصاحف، وأعجبالصحابة بما فعل عثمان، فقال أبو هريرة -رضي الله عنه- : أصبت ووفقت، وقال عليبن أبي طالب -رضي الله عنه- : لو لم يصنعه هو لصنعته. وكان عثمان بن عفان -رضيالله عنه- كثير العبادة، يداوم على قيام، وقد أخبر النبي ( أن عثمان سوف يقتلمظلومًا وأنه من الشهداء، فذات يوم، صعد النبي ( وأبو بكر وعمر وعثمان جبل أحد،فاهتز الجبل بهم، فقال له النبي: "اسكن أحد، فليس عليك إلا نبي وصديق وشهيدان" [البخاري]. وتحقق قول النبي الكريم ( وقتل عثمان -رضي الله عنه- ظلمًا، وهو يتلوآيات القرآن الكريم في يوم الجمعة (18) ذي الحجة سنة (35هـ). وصلى عليه الزبيربن العوام ودفن ليلة السبت، وكان عمره يومئذ (82) سنة، وقيل غير ذلك، فرضي الله عنه. (4)علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الفدائي الأول علي بن أبي طالب إنه الصحابي الجليل علي بن أبي طالب -رضي اللهعنه- ابن عم رسول الله (، أبوه هو أبو طالب عبد مناف بن عبد المطلب، وأمه السيدةفاطمة بنت أسد بن هاشم -رضي الله عنها-. ولد علي -رضي الله عنه- قبل بعثة النبي (بعشر سنين، وكان أصغر إخوته، وتربى في بيت النبي (، ولما نزل الوحي على رسول الله (دعا عليّا إلى الإيمان بالله وحده، فأسرع -رضي الله عنه- بقبول الدعوة، ودخل فيدين الله، فكان أول من أسلم من الصبيان. ولما رآه أبو طالب يصلي مع رسول الله (قال له: أي بني، ما هذا الدين الذي أنت عليه؟ فقال علي: يا أبي، آمنت برسول الله،وصدقت بما جاء به، وصليت معه لله واتبعته، فقال أبو طالب: أما إنه لم يَدْعُك إلالخير، فالزمه. وكان رسول الله ( يحب عليّا، ويثني عليه، فكان يقول له: "أنت منيوأنا منك" [البخاري]. وكان يقول له: "لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق" [مسلم]. وعندما أراد الرسول ( الهجرة إلى المدينة، أمر علي بن أبي طالب أن ينامفي فراشه، وفي ليلة الهجرة في جنح الظلام، تسلل مجموعة من كفار مكة، وفي يد كل واحدمنهم سيف صارم حاد، وقفوا أمام باب بيت النبي ( ينتظرون خروجه لصلاة الفجر، ليضربوهضربة رجل واحد، فأخبر الله نبيه ( بتلك المؤامرة، وأمره بالخروج من بينهم، فخرجالنبي ( وقد أعمى الله أبصار المشركين، فألقى النبي ( التراب على رؤوسهم وهو يقرأقول الله تعالى: (وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا فأغشيناهم فهم لايبصرون). [يس: 9]. ولما طلعت الشمس؛ استيقظ المشركون، وهجموا على البيت، ورفعواسيوفهم، ليضربوا النائم، فإذا بهم لا يجدونه رسول الله، وإنما هو ابن عمه علي بنأبي طالب، الذي هب واقفًا في جرأة ساخرًا من المشركين، ومحقرًا لشأنهم. وظلعليٌّ في مكة ثلاثة أيام بعد هجرة رسول الله ( إلى المدينة لكي يرد الودائع، كماأمره رسول الله (، ولما هاجر وجد النبي ( قد آخى بين المهاجرين والأنصار، فقال: يارسول الله، آخيت بين أصحابك، ولم تؤاخ بيني وبين أحد. فقال له رسول الله (: "أنتأخي في الدنيا والآخرة" [ابن عبد البر]. وقد بشره رسول الله ( بالجنة، فكان أحدالعشرة المبشرين بها، وقد زوجه رسول الله ( من ابنته فاطمة -رضي الله عنها-، وقدمعليٌّ لها مهرًا لسيدة نساء العالمين وريحانة الرسول (. وعاش علي -رضي الله عنه-مع زوجته فاطمة في أمان ووفاق ومحبة، ورزقه الله منها الحسن والحسين. وذات يومذهب رسول الله ( إلى دار علم فلم يجده، فسأل عنه زوجته فاطمة الزهراء: "أين ابنعمك"؟ فقالت: في المسجد، فذهب إليه الرسول ( هناك، فوجد رداءه قد سقط عن ظهرهوأصابه التراب فجعل الرسول ( يمسح التراب عن ظهره، ويقول له: "اجلس يا أباتراب..اجلس يا أبا تراب"[البخاري]. وشهد علي مع النبي ( جميع الغزوات، وعرفبشجاعته وبطولته، وفي يوم خيبر قال النبي (: "لأعطين الراية غدًا رجلا يحبه اللهورسوله (أو قال: يحب الله ورسوله)، يفتح الله على يديه" [البخاري]. فبات الصحابةكل منهم يتمنى أن يكون هو صاحب الراية، فلما أصبح الصباح، سأل النبي ( عن عليّ،فقيل له: إنه يشتكي عينيه يا رسول الله، قال: "فأرسلوا إليه، فأتوني به". فلماجاء له، بصق في عينيه، ودعا له، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقالعلي: يا رسول الله، أقاتلتم حتى يكونوا مثلنا: "أنفذ على رسلك، حتى تنزل بساحتهم،ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي اللهبك رجلاً واحدًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم" [البخاري]. ففتح الله علىيديه. ولما نزل قول الله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيتويطهركم تطهيرًا) [الأحزاب: 32]، دعا الرسول ( فاطمة وعليًا والحسن والحسين-رضيالله عنهم-في بيت السيدة أم سلمة، وقال: "اللهمَّ إن هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهمالرجس وطهرهم تطهيرًا" [ابن عبد البر]. وعرف علي -رضي الله عنه- بالعلم الواسع،فكانت السيدة عائشة -رضي الله عنها- إذا سئلت عن شيء قالت: اسألوا عليًّا وكان عمركذلك. وكان عليٌّ يقول: سلوني، فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم، وسلوني عنكتاب الله، فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار، أم في سهل أم فيجبل. وكان أبو بكر وعمر في خلافتيهما بعد وفاة رسول الله ( يعرفان لعلي الفضل،وقد اختاره عمر ليكون من الستة أصحاب الشورى الذين يختار منهم الخليفة، ولما استشهدعثمان -رضي الله عنه- اختير عليّ ليكون الخليفة من بعده. ولما تولي عليّ الخلافةنقل مقرها من المدينة إلى العراق، وكان -رضي الله عنه-يحرص على شئون أمته فيسيربنفسه في الأسواق ومعه درعه (عصاه) ويأمر الناس بتقوى الله، وصدق الحديث، وحسنالبيع، والوفاء بالكيل والميزان. وكان يوزع كل ما يدخل بيت المال من الأموال بينالمسلمين، وقبل وفاته أمر بتوزيع كل المال، وبعد توزيعه أمر بكنس بيت المال، ثم قامفصلى فيه رجاء أن يشهد له يوم القيامة. وكان -رضي الله عنه- كثير العبادة، يقوممن الليل فيصلي ويطيل صلاته، ويقول مالي وللدنيا، يا دنيا غرِّي غيري. وقد جاءتإليه امرأتان تسألانه، إحداهما عربية والأخرى مولاة، فأمر لك واحدة منهما بكسر منطعام وأربعين درهمًا، فأخذت المولاة الذي أعطيت وذهبت، وقالت العربية: يا أميرالمؤمنين، تعطيني مثل الذي أعطيت هذه وأنا عربية وهي مولاة؟ فقال لها علي -رضي اللهعنه- : إني نظرت في كتاب الله -عز وجل- فلم أر فيه فضلاً لولد إسماعيل على ولدإسحاق -عليهما الصلاة والسلام-. وفي آخر خلافة علي -رضي الله عنه- كانت الفتنةقد كبرت، وسادت الفوضى أرجاء واسعة من الدولة الإسلامية، فخرج ثلاثة من شبابالخوارج، وتواعدوا على قتل من ظنوا أنهم السبب المباشر في تلك الفتن وهم علي،ومعاوية، وعمرو بن العاص، فأما معاوية وعمرو فقد نجيا، وأما عليٌّ فقد انتظرهالفاسق عبد الرحمن بن ملجم، وهو خارج إلى صلاة الفجر، فتمكن منه، وأصابه في رأسهإصابة بالغة أشرف منها على الموت، وكان ذلك في سنة (40 هـ)، وعمره آنذاك (65)سنة. ودفن بالكوفة بعد أن ظل خليفة للمسلمين خمس سنين إلا أربعة أشهر، وروى عنرسول الله ( أكثر من أربعمائة حديث، فرضي الله عنه وأرضاه. (5)أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه: أمين الأمة أبو عبيدة بن الجراح إنه الصحابي الجليل أبو عبيدة عامر بن عبدالله بن الجراح -رضي الله عنه-، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وكان من أحب الناس إلىالرسول (، فقد سئلت عائشة -رضي الله عنها-: أي أصحاب رسول الله ( كان أحب إليه؟قالت: أبو بكر. قيل: ثم من؟ قالت: عمر. قيل ثم من؟ قالت: أبو عبيدة بنالجراح. [الترمذي وابن ماجة]. وسماه رسول الله ( أمين الناس والأمة؛ حيث قال: "لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" [البخاري]. ولما جاء وفدنجران من اليمن إلى الرسول (، طلبوا منه أن يرسل معهم رجلا أمينا يعلمهم، فقال لهم: "لأبعثن معكم رجلا أمينا، حق أمين"، فتمنى كل واحد من الصحابة أن يكون هو، ولكنالنبي ( اختار أبا عبيدة، فقال: "قم يا أبا عبيدة" [البخاري]. وقد هاجر أبوعبيدة إلى الحبشة ثم إلى المدينة، وفي المدينة آخى الرسول ( بينه وبين سعد بن معاذ -رضي الله عنهما-. ولم يتخلف أبو عبيدة عن غزوة غزاها النبي (، وكانت له مواقفعظيمة في البطولة والتضحية، ففي غزوة بدر رأى أبو عبيدة أباه في صفوف المشركينفابتعد عنه، بينما أصر أبوه على قتله، فلم يجد الابن مهربًا من التصدي لأبيه،وتقابل السيفان، فوقع الأب المشرك قتيلا، بيد ابنه الذي آثر حب الله ورسوله على حبأبيه، فنزل قوله تعالى: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد اللهورسوله ولو كانوا آباءهم وأيديهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهارخالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون) [المجادلة: 22]. وفي غزوة أحد، نزع الحلقتين اللتين دخلتا من المغفر (غطاء الرأسمن الحديد وله طرفان مدببان) في وجه النبي ( من ضربة أصابته، فانقلعت ثنيتاه، فحسنثغره بذهابهما. [الحاكم وابن سعد]. وكان أبو عبيدة على خبرة كبيرة بفنون الحرب،وحيل القتل لذا جعله الرسول ( قائدًا على كثير من السرايا، وقد حدث أن بعثه النبي (أميرًا على سرية سيف البحر، وكانوا ثلاثمائة رجل فقل ما معهم من طعام، فكان نصيبالواحد منهم تمرة في اليوم ثم اتجهوا إلى البحر، فوجدوا الأمواج قد ألقت حوتًاعظيمًا، يقال له العنبر، فقال أبو عبيدة: ميتة، ثم قال: لا، نحن رسل رسول الله وفيسبيل الله، فكلوا، فأكلوا منه ثمانية عشر يومًا. [متفق عليه]. وقال عمر بنالخطاب -رضي الله عنه- لجلسائه يومًا: تمنوا. فقال أحدهم: أتمنى أن يكون ملء هذاالبيت دراهم، فأنفقها في سبيل الله. فقال: تمنوا. فقال آخر: أتمنى أن يكون ملء هذاالبيت ذهبًا، فأنفقه في سبيل الله. فقال عمر: لكني أتمنى أن يكون ملء هذا البيترجالاً من أمثال أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وحذيفة بن اليمان، فأستعلمهمفي طاعة الله. [البخاري]. وكان عمر يعرف قدره، فجعله من الستة الذين استخلفهم،كي يختار منهم أمير المؤمنين بعد موته. وكان أبو عبيدة -رضي الله عنه- كثيرالعبادة يعيش حياة القناعة والزهد، وقد دخل عليه عمر -رضي الله عنه- وهو أمير علىالشام، فلم يجد في بيته إلا سيفه وترسه ورحله، فقال له عمر: لو اتخذت متاعًا (أوقال: شيئًا) فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين، إن هذا سيبلِّغنا المقيل (سيكفينا). [عبد الرازق وأبو نعيم]. وقد أرسل إليه عمر أربعمائة دينار مع غلامه،وقال للغلام: اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه- ثم انتظر في البيتساعة حتى ترى ما يصنع، فذهب بها الغلام إليه، فقال لأبي عبيدة: يقول لك أميرالمؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجتك. فقال أبو عبيدة: وصله الله ورحمه، ثم قال: تعالييا جارية، اذهبي بهذه السبعة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلىفلان حتى أنفذها. [ابن سعد]. وكان يقول: ألا رب مبيض لثيابه، مدنس لدينه، ألا ربمكرم لنفسه وهو لها مهين! بادروا السيئات القديمات بالحسنات الحديثات. [أبو نعيموابن عبد البر]. وفي سنة (18) هـ أرسل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جيشًا إلىالأردن بقيادة أبي عبيدة بن الجراح، ونزل الجيش في عمواس بالأردن، فانتشر بها مرضالطاعون أثناء وجود الجيش وعلم بذلك عمر، فكتب إلى أبي عبيدة يقول له: إنه قد عرضتلي حاجة، ولا غني بي عنك فيها، فعجل إلي. فلما قرأ أبو عبيدة الكتاب عرف أن أميرالمؤمنين يريد إنقاذه من الطاعون، فتذكر قول النبي (: "الطاعون شهادة لكل مسلم" [متفق عليه]. فكتب إلى عمر يقول له: إني قد عرفت حاجتك فحللني من عزيمتك، فإني فيجند من أجناد المسلمين، لا أرغب بنفسي عنهم. فلما قرأ عمر الكتاب، بكى، فقيل له:مات أبو عبيدة؟! قال: لا، وكأن قد (أي: وكأنه مات). [الحاكم]. فكتب أميرالمؤمنين إليه مرة ثانية يأمره بأن يخرج من عمواس إلى منطقة الجابية حتى لا يهلكالجيش كله، فذهب أبو عبيدة بالجيش حيث أمره أمير المؤمنين، ومرض بالطاعون، فأوصىبإمارة الجيش إلى معاذ بن جبل، ثم توفي -رضي الله عنه- وعمره (58) سنة، وصلى عليهمعاذ بن جبل، ودفن ببيسان بالشام. وقد روي أبو عبيدة -رضي الله عنه- أربعة عشرحديثًا عن النبي (6)سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أول الرماة في سبيل الله سعد بن أبي وقاص إنه الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-، أحد السابقين إلى الإسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة. وكانسعد قد رأى وهو ابن سبع عشرة سنة في منامه أنه يغرق في بحر الظلمات، وبينما هويتخبط فيها، إذ رأى قمرًا، فاتبعه، وقد سبقه إلى هذا القمر ثلاثة، هم: زيد بنحارثة، وعلي بن أبي طالب، وأبو بكر الصديق، ولما طلع الصباح سمع أن رسول الله (يدعو إلى دين جديد؛ فعلم أن هذا هو القمر الذي رآه؛ فذهب على الفور؛ ليلحق بركبالساقين إلى الإسلام. وتظهر روعة ذلك البطل عندما حاولت أمه مرارًا أن ترده عنطريق الإيمان عبثًا، فباءت محاولاتها بالفشل أمام القلب العامر بالإيمان، فامتنعتعن الطعام والشراب، ورفضت أن تتناول شيئًا منه، حتى يرجع ولدها سعد عن دينه، ولكنهقال لها: أماه إنني أحبك، ولكن حبي لله ولرسوله أكبر من أي حب آخر. وأوشكت أمهعلى الهلاك، وأخذ الناس سعدًا ليراها عسى أن يرق قلبه، فيرجع عما في رأسه، فيقو للها سعد: يا أمه، تعلمين والله لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسًا نفسًا، ما تركتديني فإن شئت كلي، وإن شئت لا تأكلي، وعندها أدركت الأم أن ابنها لن يرده عن دينهشيء؛ فرجعت عن عزمها، وأكلت، وشربت لينزل وحي الله -عز وجل- يبارك ما فعل سعد، قالتعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيامعروفا) [لقمان: 15]. ولازم سعد -رضي الله عنه- رسول الله ( بمكة حتى أذن اللهللمسلمين بالهجرة إلى المدينة المنورة، فهاجر مع المسلمين ليكون بجوار رسول الله (في محاربة المشركين، ولينال شرف الجهاد في سبيل الله، وحسبه أنه أول من رمى بسهم فيسبيل الله وأول من أراق دماء الكافرين، فقد بعث رسول الله ( سرية فيها سعد بنأبي وقاص إلى مكان في أرض الحجاز اسمه سابغ، وهو من جانب الجحفة، فا ن كفأ المشركو نعلى المسلمين، فحماهم سعد يومئذ بسهامه، فكان أول قتال في الإسلام. ويوم أحد،وقف سعد يدافع عن رسول الله (، ويحارب المشركين، ويرميهم حتى نالته دعوة الرسول (،حين رآه فسر منه وقال: "يا سعد، ارم فداك أبي وأمي" [متفق عليه]، فكان سعد يقول: ماجمع رسول الله ( أبويه لأحد قبلي، وكانت ابنته عائشة بنت سعد تباهي بذلك وتفخر،وتقول: أنا ابنة المهاجر الذي فداه رسول الله ( يوم أحد بالأبوين. وذات يوم، مرضسعد، فأتاه رسول الله ( ليزوره، ويطمئن عليه؛ فتساءل سعد قائلاً: إن قد بلغ بي منالوجع، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ فقال له النبي (: لا،فقال سعد: بالشطر (نصفه)، قال النبي ( لا. ثم قال (: "الثلث، والثلث كثير، إنك إنتذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بهاوجه الله إلا أجرت بها، حتى ما تجعل في فيّ (فم) امرأتك" [متفق عليه]، وقد رزق اللهسعدًا الأبناء، فكان له إبراهيم، وعامر، وعمر، ومحمد، وعائشة. وقد كان رسول الله (يحب سعدًا، فعن جابر قال: كنا مع رسول الله (، إذ أقبل سعد، فقال (: "هذا خالي،فليرني امرؤ خاله" [الترمذي والطبراني وابن سعد]. وكان سعد مستجاب الدعوة أيضًا،فقد دعا له النبي ( قائلا: "اللهم استجب لسعد إذا دعاك" [الترمذي]. وعين سعدأميرًا على الكوفة، أثناء خلافة الفاروق عمر -رضي الله عنه- الذي كان يتابع ولاتهويتقصى أحوال رعيته، وفي يوم من الأيام اتجه عمر -رضي الله عنه- إلى الكوفة ليحققفي شكوى أهلها أن سعدًا يطيل الصلاة، فما مر عمر بمسجد إلا وأحسنوا فيه القول، إلارجلا واحدًا قال غير ذلك، فكان مما افتراه على سعد: أنه لا يعدل في القضية، ولايقسم بالسوية، ولا يسير بالسرية -يخرج بالجيش- فدعا سعد عليه قائلاً: اللهم إن كانكاذبًا، فأعم بصره، وأطل عمره، وعرضه للفتن، فكان ذلك الرجل يمشي في الطريق، ويغمزالجواري، وقد سقط حاجباه من عينيه لما سئل عن ذلك قال: شيخ مفتون، أصابته دعوةسعد. |
Aya Zidane- عدد المساهمات : 33
تاريخ التسجيل : 07/04/2014
العمر : 26
مواضيع مماثلة
» أجمل اربعين مثل - بثلاث لغات
» معلومات مهمة في الأعداد المركبة
» اكثر 10مقولات اثرت بالعالم
» عشر خطوات تجعلك اكثر ايجابية
» من هو الرجل الحديدي .... للمعرفة اكثر ادخلو و شاهدو ...
» معلومات مهمة في الأعداد المركبة
» اكثر 10مقولات اثرت بالعالم
» عشر خطوات تجعلك اكثر ايجابية
» من هو الرجل الحديدي .... للمعرفة اكثر ادخلو و شاهدو ...
:: المنتدى العام :: إسلاميات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى